فلسطين أون لاين

ولأطفال من الضفة والقطاع

عبر "غرف الدردشة".. "ختام" تُدرِّس المنهاج الفلسطيني  لـ300 طفل عربي

...
3dc6d439-3799-4c8a-a9a8-8493f4de6686.jpg
غزة/ مريم الشوبكي:

 

في التاسعة صباحًا كل يوم، ينتظر 42 طفلًا في غرفة دردشة في موقع (فيس بوك) معلمتهم ختام لتبدأ معهم حصتها الصفية الافتراضية الأولى، تمسك الطبشورة البيضاء تخط بها على سبورتها الخضراء التي وضعتها قبالة حاسوبها المحمول، درس الأرقام باللغة العربية وهم يتابعون معها طريقة كتابتها خطوة بخطوة.

ثم تطلب ختام من الأطفال عبر المباشر كتابة هذه الأرقام على كراساتهم، مع تأكيدها ضرورة حفظ سورة قرآنية وفق الخطة الدراسية التي أعدتها لهم هذا الأسبوع، في الدقيقة الـ35 لا تنسى الرسائل التحفيزية والهدايا التشجيعية التي تعدهم بها في حال أبلوا بلاء حسنًا في دروسهم.

ختام أبو عوض (31 عامًا) من النصيرات وسط قطاع غزة، حاصلة على دبلوم تربية طفل، تعمل معلمة رياض أطفال منذ 10 أعوام.

إغلاق رياض الأطفال بسبب انتشار جائحة كورونا ألهمها إطلاق مبادرتها بإعطاء دروس مجانية للأطفال في المرحلتين البستان والتمهيدي عن بعد، وبالفعل نشرت عبر صفحتها الشخصية بـ(فيس بوك) استعدادها لتعليم الأطفال من جميع المحافظات إلكترونيًّا.

لم تعط نفسها وقتًا للتخطيط، بل طرحت الفكرة مباشرة، وتفاجأت بالإقبال الكبير على الفكرة من الأمهات في القطاع والضفة العربية ودول عربية أخرى كليبيا والأردن والإمارات، حيث تدرس 300 طفل.

أنشأت صفحة خاصة لمبادرتها "أحباب من كل مكان" في (فيس بوك)، وصل عدد متابعيها إلى 5000، يوميًّا تصل إليها عشرات الرسائل من الأهالي يطالبونها بضم أبنائهم لمبادرتها، ولكنها لا تستطيع إدارة أعداد كبيرة وحدها.

تطبق ختام المنهاج الفلسطيني مع طلبتها، ولم تجد اختلافً كبيرًا عن مناهج الدول العربية الأخرى، إذ تخصص يومين أسبوعيًّا للتواصل المباشر مع كل مجموعة، وباقي الأسبوع تتواصل معهم بإرسال الأنشطة اليومية حسب الخطة التي وضعتها وتستقبل منهم تطبيقاتها حتى الساعة الـ12 منتصف الليل، وترسل لهم مقاطع صوتية لتعزيزهم وتحفيزهم على الدراسة.

تضيف ختام لصحيفة "فلسطين": "لتحفيز الأطفال أكثر أشجعهم بتجهيز هدايا لهم، وبعد اختيار الأفضل بينهم أرسلها له إلى بيته، ولو كان في محافظة أخرى، وهذا كله على نفقتي الخاصة".

وتفتقد ختام وجود القرطاسية التي تحفز وتجذب الطفل أكثر للعملية التعليمية، كالدمى، والبطاقات المصورة، والمكعبات، والألعاب، والقصص المصورة والقلابة، والسبورة البيضاء والأقلام، وتأمل من المؤسسات التي تعنى بالأطفال أن توفرها لها لتطور من أدائها وتستمر في مبادرتها.

ومبادرة ختام لم تتوقف عند الجانب التعليمي فقط، بل عززتها بكل ما يهم الأم في التعامل مع أطفالها، إذ استعانت بمنشط أطفال، واختصاصية اجتماعية، واختصاصية نطق، وأخرى نفسية، إذ يظهرون على صفحة المبادرة في بث مباشر تحضره عشرات الأمهات المتابعات، ويطرحن أسئلتهن ويجبن عنها.

منذ عامين قررت ختام ترك العمل في رياض الأطفال، وقدمت كورونا خدمة مجانية لختام وكثير من الأمهات والأطفال، إذ منحتها فرصة لتقديم مبادرتها لأهم شريحة من الطلبة في مراحلها التأسيسية الأولى، التي تركت بسبب الجائحة فريسة للهواتف الذكية ومقاطع الفيديو غير الهادفة.

جاءت مبادرة "أحباب من كل مكان" لاستثمار جلوس الأطفال قبالة الهواتف بما يخدمهم في الجانب التعليمي واستذكار الدروس من طريق تطبيقات تعليمية تقترحها ختام على الأمهات، وتوصيهم بالابتعاد كل البعد عن أسلوب التلقين في التدريس، وتسجل الأناشيد بصوتها وترسلها للأطفال لتسهل عليهم عملية حفظها.

مبادرتها حملت شعار طفل وطفلة يمسكان الكرة الأرضية وفوقها كتب اسم المبادرة "أحباب من كل مكان"، وهو شعار أهدته إليها إحدى متابعات صفحتها، واختصاصية في الطفولة من الأردن جعلتها تشارك في كل الدورات التي تختص بالأطفال وتعقدها إلكترونيًّا مع مشاركين من أنحاء العالم.

كل فكرة أو مشروع أو مبادرة في بدايته لا بد أن يواجه الكثير من الانتقادات، كتلك التي واجهتها ختام حينما استنكر بعض من حولها عملها المجاني: "شو بدك بوجع هالراس؟!، روحي درسي بروضة براتب أحسنلك"، في المقابل تنهال عليها الكثير من رسائل التقدير والتحفيز من أمهات طلبتها: "لولا جهودك لما وصل ابني إلى هذا المستوى"، "ابني تخلص من الخجل".

وتشير ختام إلى أنها لا تتوانى عن إعطاء الأمهات نصائح في كيفية تعليم أطفالهن طريقة إمساك القلم في البداية بتمارين الصلصال والرسم والتلوين، وتحثهن على تسجيل فيديوهات لأنشطة يقوم بها أطفالهن لكسر حاجز الخجل لديهم.

نجاح واستمرار مبادرة ختام –كما تقول- مرهونان بدعم المهتمين بمجال الأطفال من مؤسسات أهلية ودولية بالأدوات اللازمة في العملية التعليمية، لتصبح منصة دولية مجانية لتعليم الأطفال في مرحلة رياض الأطفال إلكترونيًّا.